klik gambar untuk Download
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي خلق الجن والإنس ليعبدوه مخلصين له الدين وأرسل
الرسل إليهم وأنزل الكتب عليهم لهدايتهم بنور العلم واليقين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام
المؤمن المهيمن العزيز الجبار القهار الواهب الرزاق ذو القوة المتين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الناصح الأمين، صلى الله عليه
وعلى آله الأتقياء المخلصين وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن الله تعالى تكفل بالأرزاق لكل المخلوقات وهيأ
لهم أسبابها، ومن أسباب الرزق:
1.
تحقيق العبادة.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا
عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
[العنكبوت: 17].
فعبادت الله
تعالى تتضمن طلب الرزق بلسان الحال.
2.
طلب الرزق عند الله تعالى.
قال الله تعالى: {فَابْتَغُوا
عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17].
وقال تعالى: {وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ
فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77].
وقال تعالى:
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ
قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ
وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} [الجمعة: 10، 11].
قوله: {فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ} لطلب المكاسب والتجارات ولما كان
الاشتغال في التجارة، مظنة الغفلة عن ذكر الله تعالى، أمر الله تعالى بالإكثار من
ذكره سبحانه وتعالى.
وقوله:
{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} أَيْ: حَالَ بَيْعِكُمْ وَشِرَائِكُمْ،
وَأَخْذِكُمْ وعَطَائكم، اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَلَا تَشْغَلْكُمُ
الدُّنْيَا عَنِ الَّذِي يَنْفَعُكُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ
تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فإنَّ الإكثارَ مِن ذكرِ اللهِ أكبَر أسبابِ
الفَلاحِ.
3.
التقوى.
قال الله تعالى:
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3، 4].
قال ابن تيمية
رحمه الله: فالمسلم المتبع للرسول، الله تَعَالَى حَسبه وكافيه وَهُوَ وليه حَيْثُ
كَانَ وَمَتى كَانَ.
وقال رحمه الله: وَعَدَ
الْمُتَّقِينَ بِالْمَخَارِجِ مِنْ الضِّيقِ وَبِرِزْقِ الْمَنَافِعِ.
4.
طَاعَةُ اللَّهِ تعالى وَطَاعَةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
قال الله تعالى:
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
وقال تعالى:
{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا
وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ
وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:
37].
5.
الشكر.
قال الله تعالى:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ
كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
والشكر يكون في ثلاثة مواضع:
الأول: في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذا الرزق من الله، لقول
الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22].
وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ
جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ
بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ
سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ
خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا
كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا
السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا
بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ
وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ
شَكُورٍ (19)} [سبأ: 15 - 19].
الثاني: في اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله تعالى
والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله تعالى، كما
في قصة الأعمى من بني إسرائيل لما ذكرهم الملك بنعمة الله تعالى، قال: "قَدْ
كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ
مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ اليَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ
لِلَّهِ"، رَواهُ الشَّيْخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فهذا
من باب التحدث بنعمة الله تعالى، قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ
فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
وسليمان عليه السلام تحدث بنعمة الله عليه، {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ
بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ
بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36].
الثالث: في الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما
يختص بهذه النعمة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ
قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ
غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ:
«أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى
جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ». رَواهُ
الشَّيخَانِ.
6.
التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ.
قال الله تعالى:
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ
أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].
عَنْ عُمَرَ بْنِ
الخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ
لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا».
رواه الترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
7.
طلب
العلم الشرعي.
عَنِ
مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا
أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً
عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ
اللَّهِ», رَواه الشَّيخانِ.
وَعَنْ أَبِي
وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ
نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ
فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ:
فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ
فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا
فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ
عَنْهُ». رَواهُ الشيخانِ.
ومن أعرض عن
العلم الشرعي، فإن الله يعرض عنه، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:
124].
ومن أعرض الله
عنه فقد تعرض لسخطه، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ
آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ
الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى
الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 175، 176]، وهذا انسلخ من إيواء الله
بإعراضه عنه.
8.
مساعدة طلاب العلم الشرعي.
عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ»، وراه
الترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
9.
مساعدة الضعفاء والفقراء.
عَنْ مُصْعَبِ
بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ لَهُ فَضْلًا
عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ
تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ». رواه البخاري.
وَعَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ
بِضُعَفَائِكُمْ». رواه أصحاب السنن إلا ابن ماجه.
10.
نصرة دين الله تعالى.
قال الله تعالى:
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
وقال تعالى:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
[التوبة: 20].
وقال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
وقَال تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
وَعَنْ خُرَيْمِ
بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللهِ كُتِبَ لَهُ بِسَبْعِ مِائَةِ
ضِعْفٍ». رواه النسائي والترمذي: "وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
11.
الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ
هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ
اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)
لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ
(59)} [الحج: 58، 59].
وقال تعالى: {وَمَنْ
يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً
وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 100].
قال السعدي رحمه
الله في "تفسيره": "فإذا هاجر في سبيل الله تمكن من إقامة دين الله
وجهاد أعداء الله ومراغمتهم، فإن المراغمة اسم جامع لكل ما يحصل به إغاظة لأعداء
الله من قول وفعل، وكذلك ما يحصل له سعة في رزقه، وقد وقع كما أخبر الله
تعالى".
12.
ترك ما حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والقيام بما
أوجب الله والعناية بشرع الله.
قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءً لِلَّهِ
إِلَّا أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ». وَقَالَ أُبَيُّّ بْنُ كَعْبٍ: مَا
تَرَكَ عَبْدٌ شَيْئًا لَا يَتْرُكُهُ إِلَّا لِلَّهِ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ
مِمَّا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَلَا تَهَاوَنَ عَبْدٌ
أَوْ أَخَذَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَصْلُحُ لَهُ إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ بِمَا هُوَ
أَشَدُّ مِنْهُ، مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. رواه ابن المبارك ونعيم بن حماد.
ولهذا قال تعالى
عن دعاء بعض الصالحين: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا
إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}.
قال السعدي رحمه
الله في "تفسيره": فهم رجوا الله أن يبدلهم خيرًا منها، ووعدوا أنهم
سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا، فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله
أبدلهم في الدنيا خيرًا منها لأن من دعا الله صادقًا، ورغب إليه ورجاه، أعطاه
سؤله.
13.
صلة الرحم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ،
أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». رَوَاهُ الشَّيخَانِ.
وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ،
وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». رواه البخاري.
14.
الِاسْتِعَاذَةُ
مِنَ الْفَقْرِ.
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَنْ تَظْلِمَ
أَوْ تُظْلَمَ». رواه النسائي.
وَعَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَأْثَمِ
وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ
النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ،
اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ
قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ،
وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ
وَالمَغْرِبِ». رَوَاه الشَّيخَانِ.
15.
الدعاء.
قال الله تعالى: {وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ مَسعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ
وَالْغِنَى». رواه مسلم.
قال الله تعالى
عن نبيه زكريا: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ
لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38].
والذُرِّيَّة تسمى
الرّزق، كَما دعا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنس بن مالك: «اللَّهُمَّ
ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ». رواه البخاري.
ومن أعظم الرزق
شهادة في سبيل الله، ولهذا دعا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ربَّه: «اللَّهُمَّ
ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». رواه البخاري.
قال ابن تيمية
رحمه الله: فَإِن الدُّعَاء يتَضَمَّن الرزق والنصر لِأَنَّهُ إِذا هدي الصِّرَاط
الْمُسْتَقيم كَانَ من الْمُتَّقِينَ وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ
من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَكَانَ مِمَّن ينصر الله وَرَسُوله وَمن نصر الله نَصره
وَكَانَ من جند الله وجند الله هم الغالبون فالهدى التَّام يتَضَمَّن حُصُول أعظم
مَا يحصل بِهِ الرزق والنصر.
ونقول فِي آخر
هَذِه الرسالة كما يقول ربنا عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ
الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)} [يونس: 9، 10].
Tidak ada komentar:
Posting Komentar