تَأْلِيْفُ:
أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلِيْمٍ اللِّمْبُوْرِيِّ الْأَنْدُوْنَِيْسِيِّ
عَفَا اللهُ عَنْهُ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَفْضَلِ الْخَلْقِ أَجْمَعِيْنَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبَِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ عَفِيْفِ الدِّيْنِ بْنِ حُسْنِ النُّوْرِ الْأَنْدُوْنِيْسِيِّ: “يَحيَى الْحَجُوْرِيُّ مُفْسِدٌ”، هَذَا الْقَوْلُ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِ صَاحِبِهِ، وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ حَقِيْقِيٌّ: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}.
وَأَمَّا شَيْخُا يَحْيَى الْحَجُوْرِيُّ عَفَا اللهُ عَنْهُ فَهُوَ نَاصِحٌ أَمِيْنٌ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُقْبِلُ بْنُ هَادِيٍّ الْوَادِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا عَفِيْفَ الدِّيْنِ بْنَ حُسْنِ النُّوْرِ الْأَنْدُوْنِيْسِيَّ وَأَصْحَابَهُ كَلُقْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ بَا عَبْدُهُ، وَأُسَامَةَ فَيْصَلٍ الْمَهْرِيِّ، وَذِي الْأَكْمَلِ أَبِي الْمُنْذِرِ، وَمُحَمَّدٍ السَّرْبِيْنِيِّ، وَعَسْكَرِيٍّ، وَقَمَرٍ السُّعَيْدِيِّ مِنَ الْمُفْسِدِيْنَ فِي الدَّعْوَةِ، وَنَقَلُوْا كَلاَمَ الشَّيْخِ رَبِيْعِ بْنِ هَادِيٍّ الْمَدْخَلِيِّ أَنَّ يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ حَدَّادِيٌّ، وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ، وَأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَأَنَّهُ قَدْ مَزَّقَ دَعْوَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْعَالَمِ.
وَقَالُوْا: “إِنَّ الشَّيْخَ رَبِيْعًا مَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْحَجُوْرِيِّ”.
وَقَالُوْا أَيْضًا: وَأّنَّ مَا حَصَلَ فِيْ دَمَّاجٍ بِسَبَبِ الْحَجُوْرِيِّ”.
وَقَالُوْا أَيْضًا: “وَأّنَّ يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ وَأَتْبَاعَهُ عَذَّبَهُمُ اللهُ بِسَبَبِ طَعْنِهِمْ فِيْ الْمَشَايِخِ كَالشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَصَابِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدْنِيِّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِمْ”.
فَأَقُوْلُ مُسْتَعِيْناً بِاللهِ تَعَالَى مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: (أَنَّ يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ حَدَّادِيٌّ)، فَهَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنَ الْمُقَلِّدِيْنَ عَلَى الشَّيْخِ رَبِيْعٍ، وَكَانُوْا يَسْأَلُوْنَ أَصْحَابَهُمْ: “مَاذَا يَقُوْلُ الْعَلاَّمَةُ إِمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ شَيْخُنَا رَبِيْعٌ الْمَدْخَلِيُّ عَنْ يَحْيَى الْحَجُوْرِيِّ؟”، فَقَالُوْا: “قَالَ أَنَّ يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ وَأَتْبَاعَهُ حَدَّادِيُّوْنَ”.
فَصَارَ حَالُهُمْ كَحَالِ الْمُرْتَابِ: “سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ”.
وَإِذَا جَاءَ بَعْضُ السَّلَفِيِّيْنَ الثَّابِتِيْنَ إِلَى الشَّيْخِ رَبِيْعٍ الْمَدْخَلِيِّ وَقَالُوْا لَهُ: “هَلِ الصَّحِيْحِ أَنَّكَ تَقُوْلُ: “الشَّيْخُ يَحْيَى الْحَجُوْرِيُّ وَمَنْ مَعَهُ حَدَّادِيُّوْنَ؟”، فَقَالَ الشَّيْخُ: “أَنَا مَا أَقُوْلُ هَذَا….”، وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ رَبِيْعٌ.
وَهَذَا حَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَكَيْفَ فِي الْأُخْرَى؟!، صَدَقَ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيْ قَوْلِهِ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: (يَحيَى الْحَجُوْرِيُّ مُبْتَدِعٌ) فَقَوْلُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ قَوْلاً بِلاَ عِلْمٍ وَلاَ حُجَّةٍ، بَلْ هُمْ يَقُوْلُوْنَ هَذَا عَلَى اتِّبَاعِهِمْ بِطَرِيْقَةِ الْمُشْرِكِيْنَ الْأَوَّلِيْنَ، حِيْنَ قَالُوْا لِلنَّجَاشِيِّ: “…إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتُمْ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمِ أشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِنَرُدَّهُمِ إلَيْهِمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ، فَتُشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمِ إلَيْنَا وَلا يُكَلِّمَهُمْ، فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ، ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمِ إلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ، فَقَالا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنْتَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمِ أشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ، وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيه”.
وَهَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ قَدْ فَعَلُوْا فِعْلاً بِمِثْلِ مَا فَعَلَهُ الْمُشْرِكُوْنَ الْأَوَّلُوْنَ، الْمُشْرِكُوْنَ الْأَوَّلُوْنَ جَاءُوْا إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ جَاءُوْا إِلَى الْمَدْخَلِيِّ، ثُمَّ قَالُوْا بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ، صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ قَوْلِهِ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ».
وَهَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ قَدْ فَعَلُوْا أَفْعَالاً حِزْبِيَّةً، وَجَاءُوْا أَيْضًا إِلَى الشَّيْخِ رَبِيْعٍ مِنْ أَجْلِ ذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَنْدُوْنِيْسِيِّ، وَبَيَّنُوْا لَهُ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا بَيَّنُوْهُ عَنْ شَيْخِنَا يَحْيَى الْحَجُوْرِيِّ عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَكَانُوْا مَعَ ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي تَحْذِيْرِ النَّاسِ مِنْ دَارِ الْحَدِيْثِ بِدّمَّاجٍ، وَهُمْ يَتَّفِقُوْنَ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْعَدْنِيَّ شَيْخُهُمْ وَهُمْ مَعَهُ، وَالْآنَ يَتَفَرَّقُوْنَ {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: (قَدْ مَزَّقَ دَعْوَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْعَالَمِ)، فَهَذَا أَيْضًا بِمِثْلِ مَا قَالَهُ الْمُشْرِكُوْنَ الْأَوَّلُوْنَ لِلنَّجَاشِيِّ عَنْ أَتْبَاعِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتُمْ”.
مَزَّقَ اللهُ دَعْوَةَ هَؤُلاَءِ الْحِزْبِيِّيْنَ الْمُنْحَرِفِيْنَ، وَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ، وَبَعْضُهُمْ يَقُوْلُوْنَ أَنَّ الرَّوَافِضَ الْحُوْثِيِّيْنَ لَيْسُوْا مِنَ الْكُفَّارِ، كَمَا نَادَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْإِمَامُ: “مَا نَسْتَحِلُّ دِمَاءَ الرَّافِضَةِ تَدَيُّنًا…. وَلَكِنْ دِيْنُنَا دِيْنُنَا نَجْعَلُنَا نَقُوْلُ هَذَا….”.
وَبَعْضُهُمْ يَقُوْلُوْنَ أَنَّ الرَّوَافِضَ الْحُوْثِيِّيْنَ كُفَّارٌ، وَيَجُوْزُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْحَجَاوِرَةِ”، يَعْنِي شَيْحَنَا يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ فَعَلُوْا هَذَا، كَمَا دَعَاهُ أُسَامَةُ الْعُتَيْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَصَابِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُنْحَرِفِيْنَ، وَكَانُوا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، لاَ سَلَفِيِّيْنَ وَلاَ حِزْبِيِّيْنَ، وَلاَ حُوْثِيِّيْنَ، حَتَّى نَادَوْا: “يَا أَهْلَ دَمَّاجٍ، أَخْرِجُوا الْحَجُوْرِيَّ مِنْ دَمَّاجٍ!”.
وَقَامُوْا بِتَفْرِيْقٍ فِيْمَا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَيْنَ أَهْلِ دَمَّاجٍ، وَبَعْدَ سَنَةٍ قَامَ الْحُوْثِيُّوْنَ بِفِعْلِ ذَلِكَ النِّدَاءِ، وَقَتَلُوا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ السَّلَفِيِّيْنَ، وَنَادَوْا: “الْمَوْتُ لِأَمْرِيْكَا، الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيْلَ، اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُوْدِ، النَّصْرُ لِلْإِسْلاَمِ….أَخْرِجُوا الْحَجُوْرِيَّ وَالْأَعَاجِمَ مِنْ دَمَّاجٍ، أَخْرِجُوا الْحَجُوْرِيِّيْنَ الْوَهَّابِيِّيْنَ السُّعُوْدِيِّيْنَ مِنْ دَمَّاجٍ”.
فَلَمَّا سَمِعَ هَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ عَنْ أَفَاعِيْلِ الْحُوْثِيِّيْنَ، أَنَّهُمْ قَدْ حَصَرُوْا أَرْضَ دَمَّاجٍ وَقَتَلُوْا أَهْلَ السُّنَّةِ بِدَمَّاجٍ، فَقَالَ هَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ: “ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحَجُوْرِيِّ”.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: (وَأَّنَّ يَحْيَى الْحَجُوْرِيَّ وَأَتْبَاعَهُ عَذَّبَهُمُ اللهُ بِسَبَبِ طَعْنِهِمْ فِيْ الْمَشَايِخِ كَالشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَصَابِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدْنِيِّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِمْ)، فَقَوْلُهُمْ هَذَا إِنْكَارٌ لِرَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ فِيْ كِتَابِهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
وَهَؤُلاَءِ الْحِزْبِيُّوْنَ الْمُنْحَرِفُوْنَ لَا يُفَرِّقُونَ بَين الْأَمْرَيْنِ، بَيْنَ الْعَذَابِ وَبَيْنَ الْبَلاَءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مَا حَصَلَ فِيْ دَمَّاجٍ فَهُوَ يُعْتَبَرُ بَلَاءً حَسَنًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا».
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ».
وَأَمَّا قَوْلُ الْجَاهِلِ الْمُرَكَّبِ مُحَمَّدٍ عَفِيْفِ الدِّيْنِ بْنِِ حُسْنِ النُّوْرِ: (يَحْيَى الْحَجُوْرِيُّ يُرِيْدُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الشَّيْخِ رَبِيْعٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيْهِ الشَّيْخُ رَبِيْعٌ، وَالشَّيْخُ رَبِيْعٌ خَرَجَ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْآخَرِ). فَقَوْلُهُ هَذَا يُرِيْدُ بِهِ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَ الشَّيْخِ رَبِيْعِ بْنِ هَادِيِّ، أَنَّهُ ثَابِتٌ عَلَى مَنْهَجِهِ، وَأَنَّهُ مَا يُرِيْدُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ شَيْخِنَا يَحْيَى الْحَجُوْرِيِّ لِأَنَّ شَيْخَنَا عِنْدَهُمْ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ فَاسِقٌ مُفْسِدٌ، فَنَقُوْلُ لَهُمْ: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وَقَالَ الْجَاهِلُ الْمُرَكَّبُ مُحَمَّدٌ عَفِيْفُ الدِّيْنِ بْنُ حُسْنِ النُّوْرِ أَيْضًا أَنَّ الشَّيْخَ رَبِيْعًا يَقُوْلُ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مُحْسِنٍ الْعَبَّادِ: “أَنَّهُ لَعَّابٌ”.
وَاتَّصَلَ أُسَامَةُ فَيْصَلٌ الْمَهْرِيُّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الْبُخَارِيَّ، وَيَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ بِدَمَّاجٍ حَتَّى قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مُقْبِلِ بْنِ هَادِيِّ الْوَادِعِيِّ أَنَّهُ مِنَ الْخَوَارِجِ”.
وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ فِي التَّلْبِيْسِ مِنَ الزَّمَانِ الْقَدِيْمِ إِلَى هَذِهِ اللَّحْظَةِ: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».
وَأَمَّا قَوْلُ الْجَاهِلِ الْمُرَكَّبِ مُحَمَّدٍ عَفِيْفِ الدِّيْنِ بْنِِ حُسْنِ النُّوْرِ: (وَنَحْنُ لَسْنَا مِنَ الْمُقَلِّدِيْنَ، وَلَكِنَّ الرُّجُوْعَ إِلَى الْعُلَمَاءِ عِنْدَ الْمَشَاكِلِ مَطْلُوْبٌ)، فَنَقُوْلُ: نَعَمْ، أَنَّ الرُّجُوْعَ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ مَطْلُوْبٌ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وَلَكِنْ نَأْخُذُ قَوْلَهُمْ إِذَا كَانَ صَوَابًا، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.